حوارٌ مع امرأةٍ غيرِ مُلْتَزِمَة :::
غَيِّري الموضوعَ يا سيِّدتي .
ليسَ عندي الوقتُ والأَعصابُ
كي أمضيَ في هذا الحِوَارْ ..
إِنَّني في ورطةٍ كُبْرَى مع الدُنيا ،
وإحساسي بِعَيْنَيْكِ كإحساسِ الجدارْ ...
قَهْوَتي فيها غُبَارٌ .
لُغَتي فيها غُبَارٌ .
شَهْوتي للحُبِّ يكسُوها الغُبَارْ ..
أنا آتٍ من زَمَان الوَجَعِ القوميِّ
آتٍ مِنْ زمانِ القُبْحِ ،
آتٍ مِنْ زَمَانِ الإِنكسَارْ .
إِنَّني أكتُبُ مثلَ الطائِرِ المَذْعُورِ ،
ما بينَ انفجارٍ .. وانفجارْ ..
هل تظنّينَ بأَنَّا وَحْدَنا ؟
إِنَّ هذا الوطنَ المَذْبُوحَ يا سيِّدتي
واقفٌ خَلْفَ السِتَارْ .
فاشْرَحي لي :
كيفَ أَسْتَنْشِقُ عِطْرَ امرأَةٍ ؟
وأَنا تحتَ الدَمَارْ .
إِشْرَحي لي :
كيفَ آتيكِ بوردٍ أحمر ؟
بعدَ أَنْ ماتَ زَمَانُ الجُلَّنارْ ..
غَيِّري الموضوعَ ، يا سيِّدتي .
غَيِّري هذا الحديثَ اللا أُباليَّ ..
فما يقتُلُني إِلا الغَبَاءْ .
سَقَطَ العالمُ من حولكِ أجزاءً ..
وما زلتِ تُعيدينَ مَوَاويلَكِ مثلَ البَبَغَاءْ .
سَقَطَ التاريخُ . والإِنسانُ . والعقلُ ..
وما زلتِ تظنّينَ بأنَّ الشَمسَ
قد تُشرقُ من ثوبٍ جميلٍ
أَو حِذَاءْ ..
أَجِّلي الحُلْمَ لوقتٍ آخَرٍ ..
فأنا مُنْكَسِرٌ في داخلي مثلَ الإِنَاءْ .
أَجِّلي الشِعْرَ لوقتٍ آخَرٍ ..
ليسَ عندي من قُمَاشِ الشِعْرِ
ما يَكْفي لإِرضَاءِ ملايينِ النِسَاءْ ..
أَجِّلي الحُبَّ ليومٍ أو ليومَيْنِ ..
لشَهْرٍ أَو لشَهْرَيْنِ ..
لعامٍ أَو لِعامَيْنِ ..
فَلَنْ تَنْخَسِفَ الأَرْضُ ،
ولَنْ تنهارَ أبراجُ السَمَاءْ ..
هَلْ مِنَ السَهْل احتضانُ امرأَةٍ؟
عندما الغُرْفَةُ تكتظُّ بأجسادِ الضَحَايا
وعُيُونِ الفُقَرَاءْ ؟
إِقْلِبي الصَفْحَةَ يا سيِّدتي
علَّني أَعثرُ في أوراقِ عَيْنَيْكِ
على نَصٍّ جديدْ .
إِنَّ مأساةَ حياتي ، رُبّما
هيَ أَنّي دائماً أبحثُ عن نَصٍّ جديدْ ..
آهِ .. يا سيِّدتي الكَسْلَى
التي ليسَتْ لديها مُشْكِلَهْ ..
يا التي ترتَشِفُ القَهْوَةَ ..
من خَلْف السُتُور المُقْفَلَهْ .
حاولي .
أَنْ تطرحي يوماً من الأيام بعضَ الأَسْئِلَهْ .
حاولي أَنْ تعرفي الحُزْنَ الَّذي يَذْبَحُني حتَّى الوريدْ ..
حَاولي .. أَنْ تَدْخُلي العصرَ معي .
حَاولي أَنْ تصرَخي ..
أَنْ تغضَبي ..
أَنْ تَكْفُري ..
حاولي .. أَنْ تقلعي أَعْمدَةَ الأرضِ معي .
حاولي أَنْ تَفْعَلي شيئاً
لكي نخرجَ من تحت الجليدْ ...
غَيِّري صَوْتَكِ ..
أَوْ عُمْرَكِ ..
أَوْ إِسْمَكِ .. يا سيِّدتي
لا تكُوني امْرَأَةً مخزونةً في الذاكِرَهْ
وَادْخُلي سَيْفاً دمشقيّاً بلحم الخاصِرَهْ
غَيِّري جِلْدَكِ أحياناً ..
لكَيْ يشتعلَ الوردُ ،
وكي يرتفعَ البحرُ ،
وكي يأتي النَشِيدْ ..
أُسْكُتي يا شَهْرَزَادْ .
أُسْكُتي يا شَهْرَزَادْ .
أَنتِ في وادٍ .. وأَحزاني بوادْ
فالذي يبحثُ عن قِصَّة حُبٍّ ..
غيرُ من يبحثُ عن موطِنِهِ تحتَ الرَمَادْْ ..
أَنتِ .. ما ضَيَّعتِ ، يا سيِّدتي ، شيئاً كثيراً
وأَنا ضيَّعتُ تاريخاً ..
وأهلاً ..
وبلادْ ...