سـأهديك بذكرى حبنا نسياني
لن تغريني نظراتك بعد الآن،
وأعدك أن ارفع التصريح بجعل فمك سدا ً لتجميع دموعي،
ويداك مشط لشعري،
سأقيد حركة يداك فوق شفتاي،
سأنتصر على عينيك،
وقبل قلب صفحتك سأمحي ما كتب بها،
وأعدك ذات يوم أن أهديك نسياني،
فمنذ أن كسرت أنت المرآة،
وأصبحت أبحث عن شظايا المرآة لأجمعها لم أنل من ذلك إلا تجريح أصابعي الحمقاء.
ياه كم يكون الإنسان في بعض اللحظات الضائعة أحمق،
ويصف نفسه بالذكاء وهو يعلم في مكنون ذاته كم هو أحمق،
ويبقى متجاهلاً لذلك الشيء حتى يبني صرحاً هائلاً من الذكاء المزعوم،
ليجد نفسه أمام ركام من غبائه المتزاحم أمامه.
وبعد أن جرحت أصابعي حملت الشظايا ورميتها في سلة الذاكرة الحية،
وكلما وعدت نفسي في النسيان أكذب عليها،
فالذاكرة ليست مفرغة من شظاياك،
كنت أكذب على نفسي ولم أستطع أن اكذب عليك لمرة واحدة،
فعيوني أكبر شاهد ضدي،
فأيقنت أن عيوني خائنتين لمملكتي،
ودائما وبعد إقناع نفسي بتلاشيك من حياتي،
تجبرني على ذكراك،
تذكرني بطيفك وترجعني لدرب الحب المفعم بالشقاء،
وترغم كبريائي على التواضع أمامك.
إن عيناي خائنتين والخيانة أعظم جريمة ترتكب بحقي،
فما كان علي إلا أن أجبرهما على أن تغمضا عندما تراك،
وأستطعت على ذلك وتجاهلت صورتك أمامي،
وبيوم بلا ميعاد أجد نفسي في مقابلة بالخفاء مع ذاكرتي وأسترق من قاموس نسياني بعضٌ منك،
إلى أن يدق مكنوني ويذكرني بحماقة جمع الشظايا،
فخفت أن تزوغ نفسي إلا خيانتي فضبطها بقيود التناسي،
فالسلم يصعد درجة درجة.