كَفَى بِالّذِي تُولِينَهُ لَوْ تَجَنّبَا | شفاءً لسقمٍ، بعدما عاد أشيبا |
على أنّها كانتْ تأوَّل ُحبَّها | تأوُّلَ ربعيّ السَّقابِ، فأصبحا |
فَتَمّ عَلى مَعْشُوقَة ٍ، لا يَزِيدُهَا | إليهِ، بلاءُ الشّوقِ، إلا تحبنُّبا |
وَإني امْرُؤٌ قَدْ باتَ هَمّي قَرِيبَتي، | تَأوّبَني عِنْدَ الفِرَاشِ تأوّبَا |
سأوصي بصيراً إنْ دنوتُ من البلى | وَصَاة َ امْرِىء ٍ قاسَى الأمُورَ وَجَرّبَا |
بأنْ لا تبغّ الودّ منْ متباعدٍ، | وَلا تَنْأ عَنْ ذِي بِغْضَة ٍ أنْ تَقَرّبَا |
فَإنّ القَرِيبَ مَنْ يُقَرّبُ نَفْسَهُ، | لَعَمْرُ أبِيكَ الخَيرَ، لا مَنْ تَنَسّبَا |
مَتى يَغتَرِبْ عَنْ قَوْمِهِ لا يجدْ لَهُ | عَلى مَنْ لَهُ رَهْطٌ حَوَالَيْهِ مُغضَبَا |
ويحطمْ بظلمٍ لا يزالُ لهُ | مصارعَ مظلومٍ، مجرّاً ومسحبا |
وتدفنُ منهُ الصّالحاتُ، وإنْ يسئْ | يكُنْ ما أساءَ النّارَ في رَأسِ كَبكَبَا |
وليسَ مجبراً إنْ أتى الحيَّ خائفٌ، | وَلا قَائِلاً إلاّ هُوَ الُمتَعَيَّبَا |
أرَى النّاسَ هَرّوني وَشُهّرَ مَدْخَلي، | وفي كلّ ممشى أرصدَ النّاسُ عقربا |
فأبْلِغْ بَني سَعدِ بنِ قَيسٍ بِأنّني | عتبتُ فلما لمْ أجدْ، ليَ معتبا |
صرمتُ ولمْ أصرمكمُ، وكصارمٍ | أخٌ قد طوى كشحاً وأبَّ ليذهبا |
ومثلُ الّذي تولونني في بيوتمك | يُقنّي سِناناً، كالقُدامى ، وَثَعّلَبَا |
ويبعدُ بيتُ المرءِ عن دارِ قومهِ | فَلَنْ يَعْلمُوا مُمْسَاهُ إلاّ تحَسُّبَا |
إلى مَعشَرٍ لا يُعْرَفُ الوُدّ بَيْنَهُمْ؛ | وَلا النّسَبُ المَعْرُوفُ إلاّ تَنَسُّبَا |
أرَاني لَدُنْ أنْ غابَ قَوْمي كأنّمَا | يرانيَ فيهمْ طالبُ الحقّ أرنبا |
دعا قومهُ حولي فجاءوا لنصرهِ، | وناديتُ قوماً بالمسنّاة ِ غيَّبا |
فأضوهُ أنْ أعطوهُ منّي ظلامة ً | وَما كُنتُ قُلاًّ قَبلَ ذَلِكَ أزْيَبَا |
وَرُبّ بَقِيعٍ لَوْ هَتَفْتُ بجَوّهِ، | أتَاني كَرِيمٌ يَنفُضُ الرّأسَ مُغضَبَا |
أرى رجلاً منكمْ أسيفاً كأنّما | سضمّ إلى كشيحهٍ كفّاً مخضَّبا |
وَمَا عِنْدَهُ مَجْدٌ تَلِيدٌ، وَلا لَهُ | من الرّيحِ فضْلٌ لا الجَنوبُ وَلا الصَّبَا |
وَإني، وَما كَلّفْتُموني وَرَبِّكُمْ | ليعلمَ منْ أمسى أعقَّ وأحربا |
لكالثّوِ، والجنّيُّ يضربُ ظهرهُ، | وما ذنبهُ أنْ عافتِ الماءَ مشربا |
وما ذنبهُ أنْ عافتِ الماءَ باقرٌ، | وما إنْ تعافُ الماء إلا ليضربا |
فإنْ أنأ عنكمْ لاأصالحْ عدوّكم، | ولا أعطيهِ إلاّ جدالاً ومحربا |
وإنْ أدنُ منكمْ لا أكنْ ذا تميمة ٍ | فَما ظَنُّكُمْ باللّيثِ يَحمي عَرِينَهُ، |
سَيَنْبَحُ كَلْبي جَهْدَهُ من وَرَائكُمْ، | وأغنى عيالي عنكمُ أنْ أؤنَّبا |
وَأدْفَعُ عَنْ أعرَاضِكُمْ وَأُعِيرُكُمْ | لساناً كمقراضِ الخفاجيّ ملحبا |
هنالكَ لا تجزونني عند ذاكمُ، | ولكنْ سيجريني الإلهُ فيعقبا |
ثنائي عليكمْ بالمغيبِ وإنّني، | أراني إذا صارَ الولاءُ تحزُّبا |
أكونُ امرأً منكمْ على ما ينوبكمْ، | وَلَنْ يَرَني أعداؤكُمْ قَرْنَ أعضَبَا |
أرَاني وَعَمْراً بَيْنَنَا دَقُّ مَنْشِمٍ، | فلمْ يبقَ إلا أنْ أجنّ ويكلبا |
| فأعزَبْتُ حِلمي أوْ هوَ اليَوْمَ أعزَبَا |
ومن يطعِ الواشينَ لا يتركوا لهُ | صَديِقاً وَإنْ كَانَ الحَبِيبَ المُقَرَّبَا |
وكنتُ إذا ما القرنُ رامَ ظلامتي، | غلفتُ فلمْ أغفرْ لخصمي فيدربا |
كما التمسَ الرّوميُّ منشبَ قفلهِ | إذا اجتسهُ مفتاحهُ أخطأ الشَّبا |
| نَفى الأُسْدَ عَنْ أوْطانِهِ فَتُهُيّبَا |
يُكِنّ حِداداً مُوجَداتٍ إذا مَشَى ، | ويخرجها يوماً إذا ما تخربا |
لَهُ السّوْرَة ُ الأولى على القِرْنِ إذْ غدا، | وَلا يَستَطيعُ القِرْنُ مِنْهُ تَغَيُّبَا |
علونكمُ والشّيبُ لمْ يعلُ مفرقي، | وَهادَيتُمُوني الشِّعر كَهْلاً مُجَرَّبَا |