ءيا مستثياً دمعةً صَمدتْ | لطوارئِ الدّنيا فلم تَثُرِ |
إنَّ التي صَعُبَتْ رياضتُها | أنزلتَها قسراً على قَدَر |
وأسَلْتَها وهي التي عَجَزَتْ | عن أن تُسيلَ فوادحَ الغِيَر |
ردتْ نداءَ كوارثٍ عَظُمَتْ | ودعا فلبَّتْ مَنطِقَ الوَتَر |
هل عند أنْمُلَةٍ تُحَرِّكُها | باللطفِ إنَّ الدمعَ بالأثر |
وهل الدموعُ ودفعُها وطرٌ | للناسِ تَدْري أنَّها وطري |
ما انفكّتِ البلوى تُضايِقُني | حتى شَرَيْتُ النفعَ بالضرر |
وَوَجَدْتُني بالدمعِ مبتهجاً | مثلَ ابتهاجِ الزرع بالمطر |
غطّى العيونَ فلم تَجِدْ نَظَراً | دمعٌ أعزُّ عليّ من نَظَري |
يا دمعةً غراءَ غاليةً | يَفْديكِ ما عندي من الغُرَر |
من قابلاتٍ حكمَ مُنْتَقِدِ | وشجارِ مفتَخرٍ ومحتَقَر |
لغة العواطفِ جلَّ مَنْطِقُها | عن أن يُقاسَ بمنطقِ البشر |
فتّشتُ عنكِ فلم أجِدْ أثراً | حتى ظننتُ العينَ من حجر |
ومَرَيْتُ جَفْني مَريَ ذي ثِقَةٍ | ورجعتُ عنك رجوعَ مُنْدَحِر |
وغدوتُ أحْسُدُ كلَّ مكتئبٍ | ذي محجَرٍ بالدمع مُنْفَجِر |
كم أزمةٍ لو كنتِ حاضرةً | فَرَّجْتِها بمسيلِك العَطِر |
لو كنتِ عندي ما ثَقلتُ على | كأس الشراب ومجلس السَّمر |
لغسلتُ جَفْناً راح من ظمأٍ | مُتَلَهباً مُتَطايِرَ الشَّرر |
أنا بانتظارِكِ كلَّ آونةٍ | علماً بأن الحزنَ مُنْتَظِري |
طال احتباسُكِ يسن مُخْتَنَقي | ومحاجري والآن َ فانحدري |
كنتِ الأمينةَ في مخابِئها | وأراكِ بعدَ اليومِ في خطر |
واذا امتنعتِ عليّ فاقتنعي | أنَّ " الكمنجةَ " خيرُ مُعْتَصَر |
سيلي فلا تُبقي على غُصَصٍ | رانتْ على قلبي ولا تذَري |
واستصحبِي جَزَعا يلائِمُني | وخذي اصطباري إخْذَ مُقْتَدر |
فلقد أضرَّ بَسحنتي جَلَدي | فملامحي تُربي على عمري |
كم في انكسار القلب من حِكَمٍ | لا عاش قَلْبٌ غَيرُ مُنْكَسِر |
هذي الطبائعُ لا يُطَهِّرُها | مثلُ اصطلاءِ الهمِّ والكدر |
وَلَرُبَّ نفسٍ بان رَوْنَقُها | جراءَ حُزْنٍ غير مُنْتَظَر |
مُسَّ الكمنجةَ يَنْبَعِثْ نَفَسٌ | يمتدُّ في أنفاسِ مُحْتَضَر |
في طوعِ كفكَ بَعْثُ عاطفتي | وخَلاصُها من رِبقةِ الضّجر |
وأزاحني عن عالَمٍ قَذِرٍ | نَحْسٌ لآخرَ زاهرٍ نَضِر |
بالسمعِ يَفْدي المرءُ ناظِرَهُ | وأنا فديتُ السَّمْعَ بالبصر |
يا قلبُ – والنسيانُ مَضْيَعَةٌ - | هذا أوانُ الذِّكْر فادَّكِر |
هذي تواقيعٌ مُحَلِّقَةٌ | بك في سماءِ تَخَيُّلٍ فَطِر |
واستعرضِ الأيامَ حافةً | مكتظَّةً بِتَبايُنِ الصُّوَر |
أذْكُر مسامَرَةً ومجْتَمَعاً | مزدانتين بقُبلَةِ الحَذر |
مطبوعتين بقلبِ مثريةٍ | بالمغريات وقلبِ مُفْتَقِر |
متفاهمين فما نبا وجل | لوقوعِ ذنبٍ غير مغتَفَر |
أذْكُرْ تَوَسُّدَها ثنيَّتَها | وسنانةً محلولةَ الشعر |
معسولةَ الأحلامِ ذاهبةً | بِخَيالِها لمدارجِ الصِّغَر |
أذْكر يداً مرّتْ على بَدَنٍ | هي منهُ حتى الآن في ذُعُر |
ولُيَيْلَةً بيضاءَ خالدةً | منها عرفت لذائذَ السفر |
ثم اعطفِ الذكْرَى إلى جهةٍ | أُخرى تُرعْ بعوالِمٍ أُخَر |
تُذْهلْ لمغتصَبٍ على مَضض | أمسى يقلَّبُ في يَدَيْ أشِر |
بَدَنٌ بلا قلبٍ لدى أثِرٍ | عاتٍ على الشَّهَواتِ مُقْتَصِر |
ثمرٌ بلا ظلٍ لديك كما | في أسرِهِ ظلٌّ بلا ثمر |
كم مثلِ قلبِك ذاهبٌ هدَراً | لتحكُّماتِ الدين في البشر |